السياسة
مسألة المراكب الفرنسية: لما بلغت قوات المحور مرسى مطروح في أواسط الشهر الماضي، واشتد الخطر الداني على الإسكندرية، نشأت مسألة مصير المراكب الحربية الفرنسية المعطلة تعطيلاً طفيفاً والراسية في ميناء المدينة المصرية المذكورة. فإن البريطانيين نووا أن يسيروا بتلك المراكب إلى مكان يأمنون معه تحوّلها ضدهم في المستقبل.
حملت هذه المسألة حكومة الولايات المتحدة على التدخل ومخابرة حكومة فيشي لتسمح بتسيير تلك المراكب إلى جزيرة مرتينكه، أو مكان آخر قريب من الدول المتحدة، لقـاء تعهـد الولايـات المتحـدة بإعـادة المـراكـب إلى فرنسة حالما تنتهي الحرب ويستتب السلام. فرفضت حكومة فيشي ما عرضته واشنطن وأجاب السيد لافال، رئيس الوزارة الفرنسية، أنّ المراكب المذكورة داخلة في شروط الهدنة بين فرنسة وألمانية، وأنّ الحكومة الفرنسيـة تطلـب إطـلاق سبيـل تلـك المـراكـب لتعـود إلى أقـرب مينـاء فـرنسي في البحر المتوسط. فلما شددت الولايات المتحدة بوجوب نقل المراكب الفرنسية إلى مكان آخر صرّح رئيس الوزارة الفرنسية أنّ تبعة هذا العمل تقع على حكومة الرئيس روزفلت.
ومن ذيول هذا الحادث أنّ الأوساط الإنكليزية أبدت استغرابها لتدخّل الولايات المتحدة مباشرة مع حكومة فيشي في أمر واقع في منطقة نفوذ بريطانية، ولم تكتم هذه الأوساط امتعاضها كما ورد في برقية عن لندن لنيويورك تَيمس.
الحرب
في مصر ــــ لا تزال الحرب في مصر عبارة عن مطاولة وثبات في منطقة العلمين بين مرسى مطروح والإسكندرية. والفريقان يتربصان وينتظران ساعة المعركة الفاصلة التي قد تكون قريبة.
في روسية ــــ أما في الروسية فهي على غير حالة فالأعمال الحربية تجري بسرعة برقية. فقد سقطت رسطف، على مصب الدون، في الرابع والعشرين من الشهر الماضي وتبعها سقوط نوبشر كسك الواقعة قرب الدون أيضاً في الشمال الشرقي بين رسطف وستالينغراد (لوقنسك سابقاً) الواقعة على ضفة نهر أتل (بلغا أو فلغا). وفي بلاغ القيادة الألمانية العليا بتاريخ 27 يوليو/تموز الأخير أنّ القوات الألمانية احتلت مدينة بتايسك التي تبعد نحو 32 كيلومتراً إلى جنوب رسطف على خط الحديد الرئيسي وأنابيب النفط الآتية من القبق (القوقاس) وجميع الدلائل تدل على أنّ الألمان سيتابعون ضغطهم في اتجاه القبق. فأمامهم في هذه الجبهة سهول فسيحة صالحة لحركات زحافاتهم ودباباتهم إلى أن تصل إلى الجبال عينها.
وتقول الأخبـار الألمانيـة إنه قد حبطـت خطة المارشال تيموشنكو لإنشاء خط دفـاع على طـول الـدون. فقـد عبـرت القـوات الألمانيـة هـذا النـهـر عـنـد رسـطـف ونوبتشر كسك ومواضع أخرى إلى الجنوب، وأصبح في إمكان هذه القوات القيام بحركة إلتفافية على المواقع الروسية التي تحاول الثبات في العدوة الشرقية من النهر عند انعطافه الكبير.
وإنّ الأرض التي احتلتها القوات الألمانية حتى الآن تشتمل على أغنى مناطق الروسية بالمعادن والزراعة وتفوق أوكرانية من بعض الوجوه. فهنالك مناجم الفحم الحجري وبعض الحديد.
وآخر الأخبار تقول إنّ القوات الألمانية تزحف نحو الجنوب في اتجاه القوقاس في سهول كوبان المشار إليها آنفاً، وإنّ هذه القوات قد وصلت إلى نهري مانتش وسال. وقد عبرت هذه القوات الدون في مواضع أخرى قرب سمليانسكيا وفوقها إلى الشرق والخطر على ستالينغراد يشتدّ والمواصلة بطريقة البلقا أصبحت من نوع المجازفة.
في الجو الأوروبي ــــ لا تزال قوة الطيران البريطانية توالي حملاتها المختلفة بقوّتها على شمالي فرنسـة وبعض غـرب ألمانيـة. أما قوة الطيران الألمانية فقد زادت بعض حملاتها على الجزيرة البريطانية.
ــــ وصلت روسية السوفييتية إلى أحرج أوقات تاريخها. والظاهر أنّ الألمان يتوقعون حصول صلح منفرد معها بعد خسارة القبق (القوقاس) ولذلك أوعزت وزارة الإذاعة الألمانية إلى الصحف ــــ على ما ورد في البرقيات ــــ بعدم ثلب شخصية ستالين أو غيرها من الشخصيات الحاكمة في روسية.